تمكين المواطنين من الممارسة الديموقراطية السليمة


 

مشروع تمكين المواطنين من الديموقراطية السليمة

مدخل لمنهج في التربية المدنية

طرح دكتور أحمد الصافي

ahmadalsafi@gmail.com

نزل كتاب المرشد


المشروع

نادت كل القوى الوطنية بالدولة المدنية الديموقراطية ورفعت شعارات الحرية والسلام والعدالة، ودعت لقيام السلطة المدنية. وقد كان كتاب دكتور أحمد الصافي المرشد إلى قواعد وإجراءات التنظيمات الحديثة (1999، 2006، 2022) القاهرة، الخرطوم والولايات المتحدة في طبعات ورقية، إلكترذونية في 535 صفحة) مبشراً بهذه الدولة. حظي الكتاب بتقريظ عدد كبير من المفكرين، ولقي رواجاً معقولاً، وأصبح دليلاً لا غنى عنه في مجاله ينور المواطنين بآليات النظام السياسي وبحقوقهم وكيف يحافظون عليها، ومسؤولياتهم السياسية والمدنية وكيف يرتقون بمستوى مشاركاتهم في القضايا العامة. وقد عني الكتاب بتعريف كل المواطنين على النظام السياسي والاقتصادي في البلاد وعلى حقوقهم ومسؤولياتهم في الدولة وكيف يشاركون بوعي في صنع القرار العام وفي رسم لسياسات الدولة وتحسين مستوى الخدمات التي تقدمها أجهزتها ومساءلة والمسؤولين إذا أخفقوا في مهامهم. وليقوم المواطنون بواجباتهم على أكمل وجه كان لهم الحق في الحصول على المعلومات ذات الصلة بالسياسات والقرارات والإجراءات الحكومية تأكيداً لمبادئ الشفافية والمساءلة.

التنظيمات في الدولة السودانية تشمل الجمعيات التشريعية، والوزارات، والولايات ومحلياتها، والمؤسسات العامة، وأكثر من 500 منظمة غير حكومية مسجلة، وأكثر من 26 نقابة عمالية وتنظيمات مهنية ونظامية، وتعاونيات، وأكثر من 100 حزب سياسي، وآلاف الشركات وأسماء العمل، ومؤسسات تعليمية، ومفوضيات ومجالس ومراكز وجمعيات وروابط ولجان وفرق عمل ومؤتمرات وورش، وتنظيمات دينية وعقائدية، قبائل وعشائر ونظارات ومشيخات وعموديات، وجماعات ضغط، وحوالى 8500 لجنة مقاومة من الشبان في حوالي 190 محلية في ستة عشرة ولاية، وعضوية 42 مليون مواطن. وأن هذه التنظيمات تشكل الأجهزة التشريعية والتنفيذية والإدارية والرقابية في البلد، وتهيمن على مصفوفة الحياة العامة والخاصة وعلى كل النشاطات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ومعرفة أغراض التنظيمات وكيف تنتظم وكيف تعمل واجبة. وكل التنظيمات تعقد اجتماعات أغلبها لا يتبع في الوقت الراهن إجراءات صحيحة، ولا يوجد تدريب رسمي أو غير رسمي في هذا المجال لاي فئة، والمكتبة السودانية والعربية تفتقر للكتب المرشدة في اللغة العربية.

التحول الديمقراطي السليم والحفاظ على الديمقراطية لا يتمان إلا باتباع القواعد والإجراءات السليمة، فحقوقنا وحرياتنا ومكاسبنا لا تحميها إلا القواعد والإجراءات التي نطبقها بدقة وحزم. وأن أغلب المنظمات في السودان هشة وتحتاج أن تنمي قدراتها وتحسن مهاراتها التنظيمية والتداولية. فالنزاعات والحروب قد أنهكتها، وأقعدتها شح الموارد، والفقر، وتآكل المؤسسات بسبب الفساد، وضعف الإدارة، وتواضع النظام التعليمي، والصحافة المكبلة.

أصبحت الدولة الحديثة تعرف بتعدد تنظيماتها الراسخة ذات النظم السليمة والقواعد الثابتة والإجراءات الدقيقة والممارسات القانونية قبل أن تعرف بأي صفات أخرى. في ظل هذه الدولة تعمل التنظيمات على اختلاف أنواعها (وعلى رأسها جهاز الدولة) بواسطة أجهزة ولجان، يشارك المواطنون في نشاطاتها أعضاء أو ضباط تنفيذيين (أو وزراء). هل نعرف - حينما نفعل ذلك - حقوق وواجبات العضوية (أو المواطنة) أو مهام المنصب؟ وهل نعرف حينما نشارك في اجتماع ما يجب علينا إنجازه قبل وأثناء وبعد كل اجتماع؟ وهل نعرف ضوابط الحوار التي علينا مراعاتها وآداب السلوك المهذب التي علينا التحلي بها؟ وهل نعرف أوجه الاختلاف بين أنواع التنظيمات واللجان؟ وقد يجد أحدنا نفسه رئيساً لتنظيم أو للجنة أو لاجتماع (أو رئيساً للوزراء)، فهل نعرف ونحن نتصدى لهذه المهمة، شروط وأعباء القيادة ومهام المنصب؟ ثم هل يعرف كل منا أن الاجتماع في الغالب ما انعقد إلا ليتداول اقتراحات محددة ليصل فيها لقرار؟ وأن هناك قواعد وإجراءات على كل اجتماع إتباعها ليصل بها للأهداف التي انعقد من أجلها؟ وفي كل اجتماع نسمع العديد من المصطلحات مثل (النصاب) و(نقطة نظام) و(الأغلبية) و(اللجنة) و(المحضر) و(الوقائع) و(التقرير) و(القراءة الثانية) وغيرها تستعمل كل يوم، عرفها بعضنا وجهلها بعضنا الآخر، وبقيت باهتة المعنى مهزوزة الدلالة في أذهان الكثيرين. فهل نعرف على وجه الدقة معانيها ومدلولاتها؟

وما زالت خيارات الاستبداد والتسلط والدعوات الشمولية والاستقطاب الحاد والتشرذم وانفلات الخطاب الوطني قائمة تنخر في قناعات المجتمع وتشككه في جدوى الديموقراطية ما زالت قائمة. وسيظل الشك قائماً، وسيستمر اللجاج السياسي وسيادة خطاب الجهل وفقدان البوصلة الهادية ما لم تساعد التربية المدنية في خلق المواطنين الواعين بحقوقهم والمؤمنين بجدوى الديموقراطية كنظام حكم وأسلوب حياة.

ترتبط التنظيمات في الدولة ارتباطاً وثيقاً وتتأثر تأثراً مباشراً بنظام الحكم القائم، فقد اتضح أن الأجهزة الديموقراطية تكون أحسن نمواً وتطوراً في ظل الدولة القانونية المستقرة التي ترعى التعددية السياسية والفكرية والثقافية والعرقية والدينية، وتضمن حقوق الإنسان الأساسية، وتقر بالتالي بوجود الآخرين وبالرأي الآخر وبتعدد المناهج والدعوات والتنظيمات. فتنظيمات المجتمع في حقيقتها وجه مهم من وجوه التعبير العملي عن التعددية. وبالتالي، اهتدت قواعد المداولات بمبادئ ومفاهيم النظم التعددية النيابية السليمة وبثوابتها، وأصبحت جزءاً أصيلاً منها لا تتكامل أجزاؤها إلا فيها.

إن ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وتوطيد دعائمها يعزز الإجماع عليها بين المواطنين، وأنه كلما ازدادت قاعدة الاقتناع بها، استقرت. وواحدة من وسائل ترسيخ الديمقراطية والمحافظة عليها هي ممارستها بطريقة صحيحة. فرغم أن تنظيمات المجتمع الراهنة تؤكد التزامها بالنهج الديمقراطي، إلا أن الواقع لا يعكس ذلك. فبناء أغلبها ضعيف، ونظمها ولوائحها إن وجدت، فضفاضة لدرجة جعلت أعضاءها يستهينون بها ويتجاهلوا قنواتها.

تقوم الديمقراطية الفعالة على ثلاثة أعمدة هي كفالة وحماية حقوق الإنسان الأساسية، وسيادة حكم القانون، والانتخابات الحرة النزيهة. والنظام الديموقراطي بالتالي نظام (تمثيل أو نيابة) يعبر عن (تفويض) المجموعة لسلطاتها وصلاحياتها لمن ينوب عنها، لكن تظل المجموعة رغم ذلك التفويض هي صاحبة السلطة العليا. وهذه السلطة لا يمكن أن تمارس في مختلف مستويات الهيئات التداولية بطريقة سليمة إلا بوجود آليات وضوابط تضمنها وإلا ضاعت وسط الفوضى. فما هي هذه الآليات في الواقع العملي؟ وما هي التنظيمات التي تنطبق عليها هذه الآليات؟ وكيف تقوم هذه التنظيمات وكيف تدار وما هي الوثائق التي تضفي الشرعية عليها؟ ولأن المواطن في الدولة الديموقراطية أو العضو في أي تنظيم ديموقراطي هو الذي ينتخب القادة وينشئ التنظيمات ويحلها، كانت معرفة مواطن بقواعد وإجراءات التداول وبالمبادئ التي تقوم عليها واجبة.

وتأكيداً على أننا نسعى لأن نعلي من روح المواطنة ونغرس روح التسامح وقيم الشفافية والمساءلة واحترام الرأي الآخر، ولإقامة دولة القانون المستقرة التي تقر وترعى التعددية السياسية والفكرية والثقافية والعرقية والدينية، الدولة التي تقر بتعدد المناهج والدعوات والتنظيمات وتضمن حقوق الإنسان الأساسية وتعلي قيمة الحوار البناء الذي يستثمر الموارد الفكرية للإنسان، ويسخر مبادراته وإبداعاته في تحقيق الصالح العام حين يفتح المجال لأكبر عدد ممكن من الآراء الراشدة وللمفكرين والاختصاصيين ليشارك كل واحد منهم في مجاله بالرأي والخبرة. يتيح الحوار ويولد آراء وأفكاراً وخبرة وتجربة أكبر للأفراد تمكنهم من اتخاذ قراراتهم عن علم ومعرفة بمختلف الآراء والميول والاتجاهات. في بعض المجالات يدفع الحوار للاجتهاد وللإنتاج، والإبداع، والابتكار، والإمتاع. في المقابل، الرأي الواحد في تسيير شئون الجماعات والتنظيمات أو الدول يقود للرتابة والجمود والتحجر واحتمال حدوث أخطاء كبيرة دون ضابط؛

وبما أن الكتاب (المرشد) قد وفر المعلومات والخبرات والأدوات التي تمكن المواطنين من ممارسة النشاط الديموقراطي والمساهمة الواعية في القضايا السياسية وقضايا الحكم فضلاً عن الانخراط في حل القضايا الاجتماعية المهمة، كان مدخلاً مناسباً لكل مناهج التربية المدنية، نطرح مشروع (تمكين المواطنين من الممارسة الديموقراطية السليمة) مستنداً وقائماً عليه؛

ولأن تنفيذ هذا المشروع يستدعي استخدام أساليب متعددة ووسائط مختلفة في التربية، بالتالي، يحتاج إلى أن تراجع المؤسسات التعليمية مناهجها ومقرراتها، وتوجه القنوات الفضائية والإذاعات برامجها، وتجند سائط التواصل الاجتماعي والصحافة أقلامها، وتحشد  ماكينات الترويج والدعاية والإعلان طاقاتها. وبالطبع، لن ينجح المشروع إذا لم يتبناه المفكرين والكتاب والفنانين وصدح بأهازيجه الشعراء كما صدحوا للثورة.

لذلك:

·        نطرح هذا المشروع للجميع، نشركهم فيه ونملكهم إياه دون قيد أو شرط، لتضعه كل جهة في القوالب التربوية والأدبية والفنية، وتضع المناهج والبرامج المناسبة وتبثها بالوسائل التي تراها.

·        لكل جهة أن تستفيد من مادة الكتاب أو (أي مادة أخرى) بالنسخ أو التصوير أو بإعادة النشر في كتيبات أو خلافها، والترويج بالطرق التي تراها.

·        نرجو أن يكون هذا المشروع مقنعاً ويجد ما يستحقه من الاهتمام.

في هذه الرسالة، نطلق ضربة بداية هذا المشروع بإتاحة نسخة إلكترونية مجانية من (المرشد) من موقع سايت فايندر

تقريظ الكتاب

·        قال عنه السر سيد أحمد في كلمة بعنوان (خطوة نحو تحسين الممارسة الديمقراطية، في جريدة الخرطوم 10 مارس 1999) أن هذا الكتاب لا يعتبر إضافة إلى المكتبة السودانية التي تعاني فقراً مدقعاً في هذا الجانب، وإنما إسهاماً في بناء التجربة الديمقراطية في السودان التي تعاني بدورها من فقر أكثر حدة خاصة في الجوانب النظرية والإجرائية.

·        وقال عبد الله على إبراهيم في مقال بعنوان (فقه استباق الخيرات، دكتور الصافي قال عوافي، في جريدة الصحافي الدولي في 11 أغسطس 2001). من حسن الطالع أن يكون بين يدينا كتاب جديد رشيق عن فن الاجتماع على هذه الأيام التي سيكون فيها الاجتماع بؤرة لنشاط عصبي وتنظيمي وفكري كثير لتنزيل الوفاق بين السودانيين ... ودكتور الصافي ذو باع طويل في التأليف المبتكر السباق، فقد فاز بجائزة المرحوم السلمابي على بحث له عن الطب الشعبي وهو ما يزال طالباً مبتدئاً بكلية الطب. ثم توفر دكتور الصافي على مخطوطات الدكتور التجاني الماحي فحققها وحررها ونشرها على الملأ فأسدى خدمة غراء لأستاذ الجيل لا يقوى عليها إلا ذوو العزائم الماضية. وها هو يستبق الخيرات ليزودنا بكتاب عن الاجتماع يهدينا إلى سواء الاجتماع والإجماع متى ما كففنا عن الهرج واستدبرنا البغضاء وتعالينا على التشرذم.

·        وقال طه إبراهيم جربوع المحامي في مقال بعنوان "المرشد إلى قواعد وإجراءات الهيئات التداولية" في جريدة الخرطوم 2000: صدر في الأيام الماضية أحد أخطر وأهم المراجع المرشدة لإقامة دولة مدنية ديمقراطية لمؤلفه الدكتور أحمد الصافي... يحق لنا كسودانيين أن نفخر بأن سودانياً وضع باللغة العربية أول مرجع للإجراءات يستحق علمياً هذا الوصف. وأتمنى أن يقوم كل ناشط سياسي أو نقابي أو عامل في منظمات المجتمع المدني، وكل ناشط اقتصادي يعمل في الاقتصاد الحديث القائم على الشركات بكافة أنواعها، بامتلاك وقراءة هذا المرجع، بل وأتوقع من كل هؤلاء أن يقترحوا وضع هذا الكتاب كمرجع لتنظيماتهم.

·        وقال عبد المجيد إمام المحامي وقاضي المحكمة العليا من أم درمان في 12 سبتمبر 1994: هزني الجهد الصادق الذي بذل والدقة اللا متناهية التي راعاها في الإعداد لهذا الكتاب الذي تفتقر إليه المكتبة السودانية، بل العربية والإسلامية، ذلك لأن منهج الحوار هو النهج الحضاري الوحيد الذي يجب أن يسود لتنظيم الحياة في ميادينها المختلفة. ويقول: أشد على يديك مهنئاً، فهذا عمل عظيم ومجهود جبار أتى في منعطف تاريخي مناسب.

·        وقال دكتور أمين مكي مدني المحامي من القاهرة في 16 يونيو 1996: أراه بحق إضافة نوعية ممتازة للمكتبة السودانية وللعاملين في إدارة الأعمال وفي شتى المجالات السياسية والأكاديمية والاجتماعية ويقيني أن في هذا ما ينفع الناس ويبقى ويتطور لأجيال قادمة

·        وقال بروفيسور مهدي أمين التوم من السعودية في 17 إبريل 1998: هذا مجهود رائع ومفيد والناس في حاجة إليه.

·        وقال دكتور خالد المبارك من لندن، 2 فبراير 1997: أنه لجهد مشكور نرجو أن نرى ثماره في السودان الجديد أقال الله عثرته ورفعه من كبوته.

·        وقال مولانا دكتور عبد العزيز محمد عثمان من المدينة المنورة في مارس 1997: اعتقد أن المكتبة الخاصة بأي حزب سياسي سوداني، أو منظمة، أو جمعية أو نقابة أو هيئة أياً كان مجاله، رياضية، أو ثقافية أو نسوية أو إغاثة أو غير ذلك يجب أن تحتوي على هذا الكتاب القيم مع إلزام قادتها وعضويتها بالاطلاع عليه. إن الكتاب يعتبر مساهمة وطنية جادة وواعية في وضع الأسس العلمية الصحيحة لدولة مدنية ديمقراطية في السودان.

مبتدر المشروع

يحمل بروفيسور أحمد الصافي بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الخرطوم، وزمالات كليات الجراحين والتخدير الملكية في إنجلترا. خلال مسيرة مهنية وعلمية امتدت لأكثر من خمسين سنة مارس مهنة التخدير، وأدار أقسامها، كما أدار وحدات للعناية المركزة، ومراكز بحثية، وجامعات ومراكز تدريب ومستشفيات داخل السودان وخارجه. وألف ونشر مقالات عديدة وأكثر من خمسة وسبعين كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية وقدم برامج إذاعية وتلفزيونية ونشر مقالات عديدة في الصحف اليومية والمجلات العلمية السودانية والأجنبية تعنى بصحة المجتمع وتاريخ الطب والتراث الطبي والشأن العام.

كرمه (اتحاد الكتاب السودانيين) في 2011 اعترافاً بمساهماته القيمة في مجال دراسة التراث الطبي وإجلالاً منه لدوره الرائد في رفد الفكر والمعرفة والتنوير في البلاد وتقديراً لعطائه المتميز وإسهامه الرفيع المتصل في مجال البحث العلمي والنشر في السودان، وانتخبه رئيساً في 2014.

 

 

 

Comments

Popular posts from this blog

آل الحكيم

طه أحمد بعشر(مؤسس خدمات الطب النفسي في السودان)

عبد السلام محمد أحمد جريس (استشاري أمراض النساء والتوليد والأول في كل مرحلة)