طه أحمد بعشر(مؤسس خدمات الطب النفسي في السودان)

ولد دكتور طه أحمد بعشر (با عشر: ذو الأبناء العشرة) بمدينة بور تسودان في 2 يونيو 1922 من أصول جذورها من الجزيرة العربية وجدتين إحداهما بجاوية والأخرى شكرية. في سنى حياته الأولى تنقل دكتور بعشر بين بور تسودان وسواكن وجبيت وسنكات وأركويت، ودرس المراحل الأولية في سواكن والوسطى في سنكات والثانوي في المدرسة الوحيدة في السودان آنذاك في الخرطوم قبل أن يلتحق بمدرسة كتشنر الطبية (كلية الطب، جامعة الخرطوم لاحقاً) ويتخرج فيها في العام 1948 مع ستة أطباء آخرين هم عبد المنعم وصفي، عبد القادر مشعال، عبد القادر حسن إسحاق، موريس سدرة، حمدنا الله الأمين، ويحي جمال أبو سيف. توفي في 2008.

تخرج دكتور بعشر أول دفعته حائزاً على ثلاثة جوائز في علوم التشريح والجراحة والباطنية، وكان من المؤمل أن يصبح جراحاً لكنه اختار أن يستمتع بالعمل مع التجاني الماحي، حسب قوله. في الفترة من 1949 إلى 1953، عمل دكتور بعشر طبيباً في الخرطوم وأم درمان وبحري وملكال ومروي، أوفد بعدها للملكة المتحدة لدراسة الطب النفسي في جامعة لندن (1954-1956) فنال دبلوم الصحة النفسية في العام 1956. عند رجوعه السودان أصبح كبيراً لمستشاري الأمراض النفسية والعصبية في وزارة الصحة في الفترة من 1957 إلى 1969. قدم خلال تلك الفترة العديد من المساهمات التي وضعت أسس ممارسة الطب النفسي كما وسع من خدماته عبر البلاد، فقد وضع خطط وبرامج بناء وتطوير خدمات الطب النفسي ضمن النظم الصحية القائمة، وساهم في تأسيس عيادة الصحة النفسية في الخرطوم بحري في العام 1960، وعنبر الأمراض العقلية في مستشفى الخرطوم التعليمي في العام 1964، وشبكة من وحدات الطب النفسي في كل من عطبرة، واد مدني، بور تسودان، الأبيض، كوستي، القضارف، كسلا والفاشر. في الفترة من 1972 إلى 1982، شغل دكتور بعشر منصب المستشار الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (شرق حوض البحر الأبيض المتوسط) في الصحة النفسية فواصل البرامج التي بدأها بروفيسور التجاني الماحي الذي شغل نفس المنصب قبله، فقدم العون الفني للعديد من الدول في ذلك الإقليم في مجال تدريب الكوادر الطبية كان من أهمها الكورسات التي قدمت للمملكة العربية السعودية واليمن ومصر، كما نظم أكثر من ثمانية لقاءات بين أقطار المنطقة للتداول حول مشاكل الصحة النفسية. في الفترة من 1982 إلى 1984، شغل دكتور بعشر منصب مدير تعزيز الخدمات الصحية في منطقة شرق حوض المتوسط التابع لمكتب منظمة الصحة العالمية، فقام في تلك الفترة بعدة دراسات ميدانية للمكتب في مجالات الصحة النفسية في الإقليم. في 1985 عين دكتور بعشر أستاذاً للطب النفسي بكلية الطب جامعة الخرطوم فتفرغ لتدريس الطب النفسي لكل مستويات العاملين في الحقل الصحي. أعطى بروفيسور بعشر عناية خاصة في برامجه في كل مراحل مسيرته في وزارة الصحة وفي جامعة الخرطوم، لتدريس الطب وتأهيل الكوادر الطبية في هذا المجال. فوضع مع زملائه وتلاميذه أسس تدريس الطب النفسي في كلية الطب، جامعة الخرطوم، فوضعت مناهج متكاملة لتدريس وتدريب الطلاب شملت زيارات ميدانية لمناطق الكلاكلة والحاج يوسف. في هذا المجال كان تأسيس عنبر الطب النفسي في مستشفى الخرطوم محاولة جادة ورائدة في إدماج الطب النفسي مع باقي فروع الطب العام، ولم تكن كذلك من قبل. اهتم دكتور بعشر أيضاً بالدراسات فوق الجامعية في الطب النفسي، وساهم في جمع علماء الطب النفسي في الخرطوم أكثر من مرة، فعقد مؤتمر الإتحاد العالمي للطب النفسي في الخرطوم في العام 1966، واجتماع الطب النفسي الإفريقي في الخرطوم في 1970، وهذا على سبيل المثال. 10

تتلمذ دكتور بعشر على أستاذه وصديقه وقدوته بروفيسور التجاني محمد الماحي (1911-1970)، أبو الطب النفسي في السودان وإفريقيا، ومثله اهتم بدراسة تاريخ الطب واعتنى بالطب الشعبي فوطد علاقاته مع الممارسين الشعبيين. كان لدكتور بعشر باع طويل في الدراسات النفسية، فقد نشر أو قدم في محافل علمية محلية وإقليمية وعالمية ما لا يقل عن سبع وثلاثين ورقة علمية ومثلها من التقارير والكتب التي شارك في تأليفها أو تحريرها وفي دراسات علمية شملت تاريخ الطب النفسي وأثر الحضارة والدين والثقافة الشعبية وأحوال المجتمع على الصحة النفسية. كتب دكتور بعشر وحاضر عن دور الاعتقاد (FAITH) والمسجد (المسيد) والممارسات الروحية (SPRITUAL) في العلاج وفند الخبرة السودانية في هذه المجالات، كما درس نظم الصحة النفسية وخدماتها في السودان والمنطقة العربية والإفريقية وكتب عن الأسرة والأم والطفل والمشاكل النفسية لطلاب المدارس والمشردين وقام بدراسات ميدانية رائدة عن أثر التهجير على أهالي وادي حلفا في المناطق التي تأثرت بإنشاء السد العالي، ودرس وبحث في علاقة الصحة النفسية بأمراض الجسد في السودان وفي منطقة شرق إفريقيا. في مجالات الدراسات السريرية، اهتم بدراسة الاكتئاب والوسواس القسري، وحالات الانتحار، ونظر في العقاقير التي تؤثر على الملكات العقلية عموماً وأهمها عقاقير الإدمان، فكتب عن (القات) والخمر والدخان والأدوية المهدئة، وقدم نظرات وآراء هامة في كيفية التعامل معها وتفادي التعود عليها أو إدمانها. أجرى دراسات عديدة عن الصحة النفسية في حواضر المدن والمناطق الريفية وعن أنجع الطرق لدمج الصحة النفسية في برامج الرعاية الصحية الأولية لتعم المناطق البعيدة عن العمران. لقي دكتور بعشر الكثير من التقدير لعلمه ومساهماته، فاختير وزيراً للعمل في حكومة أكتوبر، وتقديراً لجهوده في مجال الطب النفسي وتميزه، اختير زميلاً في الكلية الملكية لأطباء الأمراض النفسية في بريطانيا (MRC PSYCH) في العام 1970، وكرمته مصر حين منحته (وسام السادات)، وكرمه اتحاد وزراء الطب العرب لدوره المتميز حين كان وزيراً للصحة في عهد نميري لفترة لم تتجاوز العام (1969 - 1970). أيضاً، كلما اجتمع اختصاصيو ومستشاري الطب النفسي في السودان لأمر بينهم، قدموا بروفيسور بعشر ليقودهم بعلمه وخبرته وطيب معشره. اختير رئيساً لتخصص الأمراض النفسية والعصبية بالمجلس القومي السوداني للتخصصات الطبية ورئيساً لجمعية اختصاصيي الطب النفسي التي أسسها.

Comments

Unknown said…
A very interesting report about one of the historic founding of mental health in Sudan. I had the honour to look after him for few months before his death by visiting him at his house in Riyadh area in Khartoum. I remember that, he was a good patient, discussed with me all the details of his treatment, and was compliant with the treatment offered to him his student(myself).
I suggest that, if possible,to list the available scientific papers published, or read by him at conferences.This will be an important reference to doctors and researchers in the field of mental health.

Popular posts from this blog

آل الحكيم

باتريك دارسي (مؤسس أول كلية صيدلة في السودان)