الحجبات

حجبات جمعت من منطقة الأبيض في 1908

الحجاب ورقة كتبت عليها بعض آيات من القرآن الكريم، أو بعض أسماء الملائكة، أو الجن، وبعض المعادلات والأسماء والخواتم الفلكية. تعرف الورقة التي يكتب عليها بـ (أبو شباك) والتي تطوى بطريقة معينة وتغلف كحجاب بالجلد أو الفضة أو القماش أو الصفيح بطريقة فيها الكثير من الحرفية والجمال. أنواع (الحجبات) عديدة، تختلف محتوياتها حسب نوعها وأغراضها، ويعتمد مفعول الحجاب على عدة عوامل. أولاً، يجب أن يلبسه من وصف له إن كان الغرض منه حماية الشخص، وأن يدفن أو يحرق أو يتخلص الشخص منه إن كان الغرض منه إيذاء شخص آخر. تجلد الأحجبة التي تحمي صاحبها من الأسلحة البيضاء بجلد (البَرَدَة)، أما (الحجبات) التي قصد منها حماية الممتلكات فتعلق عليها وإلا فقدت مفعولها.
في كل الأحوال، يجب أن لا يطلع صاحب الحجاب على فحواه وإلا بطل مفعوله. ذكر ود ضيف الله أن إحدى الجواري في دولة الفونج تدعى (مهيوبة) طلبت من الشيخ حسن ود حسونة أن يكتب لها (ورقة قبول) ليزيد حظها بين الرجال. لم يخيب الشيخ ظنها فارتفع نصيبها بين الرجال حتى فضت الحجاب يوماً وعرضته على من قرأه عليها، فبارت بضاعتها، فالشيخ لم يكتب على الورقة غير كلمات سفيهة. منع المهدي كتابة (الحجبات) والتمائم، لكن كان الخليفة عبد الله أشد صرامة فأمر بقطع اليد اليمنى لأي فكي يقبض عليه متلبساً في كتابة حجاب أو تميمة. اعتمد (الفقرا) في كتابة (الحجبات) والتمائم والرقى على كتب الطب العربية القديمة. أجرى التجاني الماحي دراسات عديدة على الأحجبة والحروز والتعاويذ والرقى السودانية، وبعد أن حذف مكوناتها المحلية، وجد أن أغلب ما كتب عليها يرجع لبابل القديمة، وأن الرموز التي أضيفت إليها تشبه اللغة المسمارية، وأن المربع المستعمل في أغلب أنواعها سرياني الأصل، وأن الرقم (60) ونظامه الستيني (sexagesimal system) الذي يكثر وروده فيها نظام بابلي.
قبل أن يكتب الفكي حجاباً أو (بخرة) أو (محاية) لطالب حاجة، على الطالب أن يقدم (بياضاً) للفكي كشرط أساسي لنجاح التميمة ولضمان مفعولها. وفي هذا السياق، سمي (البياض) كذلك أي لونه أبيض لتأكيد أن الشخص قد دفعه بإرادة حرة وبإيمان عميق بقدرات الفكي، وأن قلبه يخلو من أي نوع من الشكوك.


Comments

Popular posts from this blog

آل الحكيم

طه أحمد بعشر(مؤسس خدمات الطب النفسي في السودان)

باتريك دارسي (مؤسس أول كلية صيدلة في السودان)