العلاجات الشعبية للدغات الثعابين
بدأت حكومة السودان في جمع ثعابين المنطقة في 1920، وبحلول 1930 تم جمع 220 عينة من الثعابين. في السنة التالية، بدأ نورمان كوركل (1898-1966) في المصلحة الطبية السودانية في تصنيف تلك العينات وبدء حملة لجمع عينات أخرى. خلال ثلاث سنوات جمع حوالي 900 عينة وصفها ونشر ما تعلق بها من معلومات في 1935. أكثر الثعابين شيوعاً في السودان وأشدها فتكاً هي الثعابين (الوشاشة) (أو الخشاشة أو الرشاشة) و(أبو جنيب) أو (أم جنيب) (Horned (desert, sand) viper, Carastes carastes) ونفس هذه الأسماء تطلق على (Burton’s Carpet viper, Echis coloratus) وهو ثعبان يهاجم بسمه الجهاز الدموي ويكسر خلايا الدم. تقدر الكمية اللازمة لقتل إنسان وزنه 70 كجم بهذا السم بحوالي 40-50 ملجم. أما (أبو عشرة دقيقة)، (الصل)، (أبو لغاز)، (أبو شطار) (Black burrowing viper, Atractaspis microlepidota) هو ثاني أكثر ثعابين السودان سمية. أما الحية النوامة أو (الدَقَر) (Puff Adder, Bitis arietans) فذات سمية شديدة وغالباً ما تعض عندما يطأها الإنسان في الليل دون قصد. يقول ود أب شوارب: "دقر نقو السكن في الغار"، ونقو مكان مشهور بثعابينه. تفرز هذه الأفعى كمية كبيرة من السم تتراوح من 100-350 ملجم في العضة الواحدة. يهاجم سمها الجهاز الدموي وكريات الدم وتقدر كمية السم اللازمة لقتل إنسان وزنه 70 كجم حوالي 90-100 ملجم تقريباً. أما الحية (أم شديقات) فيؤثر سمها على الجهاز الدموي وتبلغ كمية السم القاتلة للإنسان حوالي 3-5 ملجم. (الدبيب) (أبو درقة) أو (أبو كروكرو) في كردفان و(الهمهام) و(أبو درقاب) (Naja haje, Egyptian cobra) هو من أخطر الثعابين على المزارعين، وسمه يهاجم الجهاز العصبي وتبلغ كمية السم اللازمة لقتل إنسان وزنه 70 كجم حوالي 15-20 ملجم.
وصف أوين (Owen) (Owen, TRH. A Few Cures for Snake Bites. SNR. Vol 25(1). 1942: 137-8) علاجاً شعبياً للدغة ثعبان كان شاهد عيان عليها عندما كان رفيقاً للشيخ حسن الزين عمدة الكواهلة في رحلة صيد في أربعينات القرن العشرين. يقول أوين إن ثعباناً لدغ الشيخ، فسارع أهله بالقيام بعدة خطوات أولها كان أن سقوه فنجاناً من السمن، ثم أحضروا عرق (الدبيب) وسحقوه وعجنوه بقليل من الماء وسقوه إياه، ثم أحضروا ليمونة وطلبوا منه أن يمصها، ثم سحقوا قطعة من (قرن الخرتيت) وبللوها باللبن ثم طلبوا منه أن يشربها. طلبت نساء القرية ممن حضر الحادثة أن يدلهن على مكان الثعبان. وجدنه في مكانه فقتلنه وأحضرنه للمنزل فطبخنه ودفنه. يعتقدون أن الثعبان إذا ترك طليقاً في الحر سيتسبب في التهاب جرح اللديغ وارتفاع حرارته. استدعوا فكي القرية فكتب بعض آيات من القرآن مثل (إن الله يمسك السموات والأرض) على لوح ومحاها وأعطاها للشيخ ليشربها. قال أوين إن الشيخ شفي بعد أن ظل طريح الفراش لمدة ثلاثة أسابيع، وإنه من المحزن أنه لا يستطيع أن يعرف أي تلك الأدوية كان له الفضل في علاج العمدة.
روى آرثر مايرز في كتابه (الحياة بين
قبائل الحمران)
(Arthur BR
Myers. Life with the Hamran Arabs (1874-5). London, 1876. 285 pages.) أن عرب الحمران يؤمنون إيماناً قاطعاً بمفعول (قرن الخرتيت) (rhinoceros)
كترياق لكل أنواع السموم لا سيما سم الثعبان. يعتقدون أن من يشرب من كوب صنع من هذا القرن أو إذا أضافوا مسحوقه لشراب لا يخشى التسمم أبداً.
كترياق لكل أنواع السموم لا سيما سم الثعبان. يعتقدون أن من يشرب من كوب صنع من هذا القرن أو إذا أضافوا مسحوقه لشراب لا يخشى التسمم أبداً.
في عرضه للطرق الشعبية في علاج لدغات الثعابين، يقول كوركل (Corkill, NC. Notes on Sudan Snakes. A Guide to the Species Represented in the Collection in the Natural History Museum. Khartoum. August 1935.) إن بعض تلك العلاجات كان ضاراً وإن أغلبها كان أثره نفسياً لا أكثر. ربطوا العضو المصاب ربطاً شديداً وفصدوا مكان اللدغة أو شرطوها أو حجموها وذلك اعتماداً على المنطق البسيط الذي يهدف لإيقاف سريان السم في الجسم. مثلهم مثل العرب الأقدمين، منع السودانيون اللديغ من النوم فقد لاحظوا أن لدغات بعض الثعابين تسبب نعاساً شديداً للديغ ويكثر تثاؤبه قبل أن يدخل في غيبوبة لا يفيق منها. كان العرب يوقدون عند اللديغ ناراً تعرف بنار السليم. يقول النابغة "فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع - يسهد من ليل التمام سليمها لحلي النساء في يديه قعاقع".
لذلك ظنوا أن بقاء المريض صاحياً يبعد شبح الموت عنه. سقوا المريض لبناً وبيضاً حتى يتقيأ السم الذي سرى في جسمه. في السودان، يسود الاعتقاد بأن الليمون وقرن وحيد القرن (قرن الخرتيت) مضادات للسم، وقد يغمسون الإصبع أو العضو اللديغ في بطن ذبيحة عل ذلك يسحب السم إلى خارج الجسم.
Comments