من هو الطبيب القدوة؟


الطبيب القدوة هو الطبيب الجيد. والطبيب الجيد عضو فعال في المجتمع وفي الحياة العامة. ومشاركاته جيدة واهتماماته مفيدة خارج نطاق تخصصه ومهنته. فهو يقوم بعمله على أحسن وجه ويقتطع من وقته لممارسة نشاطات مفيدة لغيره من الناس وللمجتمع بأكمله. فالنشاطات التي يقوم بها في رئاسة نادي ثقافي أو إدارة منظمة طوعية أو يدعم بماله وجهده مشاريع خيرية، أو يقتطع من وقته فسحة يقرض فيها الشعر أو يكتب القصة، أو كان عازفاً على آلة من الآلات الموسيقية يروح بها عن نفسه أو يشارك بالعزف عليها في فرقة موسيقية، أو كان مؤلفاً موسيقياً، أو رساماً أو خطاطاً، تعزز كل هذه النشاطات من صورته كطبيب جيد أجادت عملها وفاض عطاؤها خارجها لتشمل الناس والمجتمع.
العقول الجادة جادة في كل شيء وفي ممارسة هواياتها واهتماماتها أيضاً. والأطباء الجادون يملئون أوقات فراغهم بأشغال يروحون بها عن أنفسهم لكنها أشغال مفيدة لهم وللمجتمع. وارتفع بعض الأطباء بهواياتهم واهتماماتهم لمستويات عالية من الإتقان بل تخصص بعضهم فيها أحياناً.
ساهم الأطباء السودانيون في الماضي البعيد والقريب وفي الحاضر في كل نشاطات المجتمع الثقافية والسياسية زيادة على أنهم أسسوا لنظام صحي متين. كان جل جهد الأطباء، في تقديرنا، مسخراً للبحث عن الأفضل في الحياة عامة وفى دعم وتمتين المؤسسات التي كانوا يعملون فيها أو ينتمون إليها. فقد تميز كثير منهم في مجالات غير تلك التي تخصصوا فيها بسبب شعورهم الطاغي بمسئوليتهم عن صحة وعافية الإنسان. فنظروا للحياة بعقول مفتوحة وكانوا جادين في كل ما نظروا فيه إن كان ذلك النظر في صميم مهنتهم أو تمثل في هواياتهم التي اختاروها مثلما يختار كل فرد منا هواية يرتاح إليها وفيها. وجد بعضهم في تلك المناشط الاجتماعية المتعددة ضرباً من المتعة والإشباع والتميز، وانغمس بعضهم في هواياته ونشاطاته الاجتماعية والثقافية للحد الذي أصبحت فيه تلك الهوايات والنشاطات جزءاً من كيانهم ورسالتهم في الحياة. فكانت لهم أدوراً مشهودة في ميادين الرياضة والآداب والفنون والموسيقى والسياسة والإدارة والشأن العام وفي كل مجال من المجالات التي تهم الناس والمجتمع.
وإذا رجعنا للوراء بضع عقود وجدنا إرثاً زاخراً من المواهب والإبداع بين الأطباء الذين قالوا بلسان الحال للشباب أن الطبيب الجيد متعدد المواهب والاهتمامات. فقد أبلى الأطباء بلاء حسناً في مهنتهم وقاموا بواجباتهم على أحسن وجه وأحرزوا النجاح تلو النجاح بل التميز في كثير من الأحيان، ومع ذلك شاركوا في نشاطات المجتمع وخرجوا بفضل ذلك من دائرة الأنا الضيقة للعالم الرحيب. وإذا تمعنا في مسيرة حياة الرواد من الأطباء السودانيين سنجد أن طريقهم للنجاح والتميز كان شاقا ومليئاً بالجهد والعناء والعمل الدءوب والثقة بالنفس وبالحماس للمهنة والانحياز للدور الطليعي المناط بهم. في السطور التالية نلقي الضوء على بعض المجالات التي طرقها الأطباء خارج نطاق مهنتهم وتخصصهم.


Comments

Popular posts from this blog

آل الحكيم

باتريك دارسي (مؤسس أول كلية صيدلة في السودان)

طه أحمد بعشر(مؤسس خدمات الطب النفسي في السودان)