يا النبي نوح قاري اللوح

البركة في الفهم الشعبي في السودان المسلم هي القداسة والقدرة المطلقة التي تصدر عن جلال الله تعالي وتبارك، يعتقد الناس أن الله يضفيها على من يصطفيهم من عباده أحياء كانوا أم أمواتاً، صالحين كانوا أم فاسقين، أسوياء كانوا أو معتوهين، وبركة الأولياء هي الأقوى أثراً. البركة هي النفع المحض، تفيد دائماً ولا تضر أبداً. تنتقل من الولي وتنفذ لضريحه ولكل ما تعلق به من أشياء كما تنتقل أيضاً من الآباء للأبناء وفي بعض الأحيان للحيران والمريدين وإن كان ذلك بدرجة أقل. يصل أثر البركة للناس مباشرة أو عبر وسطاء أو بواسطة كل ما يتصل بالولي من أشياء. ليس ذلك فحسب، بل عد بعض سكان الخرطوم زيارة غردون للمرضى المنومين في الاسبتالية أثناء حصار جيوش المهدية للمدينة بركة تحمل الشفاء والأمل.

تضفي بعض الأفعال البركة على الناس حين يرفعون أكفهم ويقرأون سورة الفاتحة طالبين من الله أن يشمل المدعو له برحمته ومغفرته ورعايته. بالدعاء يطلب الناس البركة يتوسلون بها إلى حسن الطالع وإلى شفاء الأمراض وإبراء العاهات. بالدعاء أو الابتهال (النديهة) يستغيث الناس بالأولياء والصالحين لمساعدتهم في أمور الدنيا ويتضرعون إليهم طلباً للبركة لتحل معضلة أو تشفي مرضاً. وقد تدخل المرأة مثلاً في معية شيخها طالبة مساعدته وعطفه حين تقول له أنها في حماه أو في (زريبته)، أو تقول (يا حمد وخوجلي)، أو (يا أبو مروة)، أو (يا أبو هاشم حوض العاشم) أو (يا أبو قرون من العيون) أو (يا أبشام لا ننضام) أو (يا موسى وهجو لينا تجو) أو (يابا الشيخ حسن ود حسونة، طباب المجنونة وصباح البت محسونة، يا سيد الجسارة والقدارة ويا شيخ بغارة، ترمي نظرك على (فلان) ولدي الواحد .. يابا الشيخ حُوارتكْ وقالعة رايتك)، و(يا النقر يا عدار البقر (النقر ولي يعتقد الناس أن له قوة في صد العين وسحرها، والعدار نبات يقتل البقر)، و(يا النبي نوح قاري اللوح) و(يا أبو مضوي جيبو قوي) خوفاً من الإسهال أثناء أوبئة الكوليرا، وحديثاً يقولون (العين بي حسين)[1]، وغيرها من دعوات. وقد (تنده) المرأة شيخها ليرزقها (جنا)، وحين تحبل وتلد يقولون إن وليدها (جنا نديهة) ويقصدون بذلك أنه طفل عزيز.

()



[1] حسين أحمد حسين (1904-1987) أبو طب وجراحة العيون.

Comments

Popular posts from this blog

آل الحكيم

طه أحمد بعشر(مؤسس خدمات الطب النفسي في السودان)

باتريك دارسي (مؤسس أول كلية صيدلة في السودان)