المجاعات


سوء التغذية لا ينتج عن نقص الغذاء فحسب بل عن العديد من العوامل التي يفرزها الجهل والفقر، الجهل بأبجديات حاجة الجسم من الغذاء، الجهل بالمحرمات الغذائية التي تمنع الإنسان من الاستفادة من المفيد من المأكولات خصوصاً تلك التي تصاحب الحمل والولادة والفطام في بعض المجتمعات في السودان، البيئة المتسخة التي تساعد في الإصابة بالطفيليات المعدية التي تشارك الإنسان غذاءه، الحمل المتكرر في فترات متقاربة وإنجاب عدد من الأفواه في حاجة إلى الإطعام، إلتهابات وأمراض الأطفال المتكررة لا سيما تلك التي تفاقم من حالات سوء التغذية، أو نتيجة الجهل أو تبني مفاهيم شعبية خاطئة أخرى.
نحتاج لاستراتيجية قومية نساهم فيها جميعاً تعمل على إحداث تغيير اجتماعي اقتصادي يقضى على الجهل أولاً وتحدث تغييراً يؤمن ويتيح الغذاء الضروري لكل فرد في كل مكان. وأمراض سوء التغذية هي في أساسها أمراض التخلف والفقر والجهل والتقدم والنمو الاقتصادي يحدثان بالضرورة تحسناً في غذاء الناس.
سوء التغذية غير انعدام الغذاء، سوء التغذية مشكلة صحية طبية تحتاج لتقنين احتياجات الجسم المتوازنة من الطعام والشراب وتحدد الحد الأدنى والأمثل واللازم للجسم كما تشجب في نفس الوقت الإفراط في تعاطي الطعام تفادياً للسمنة، والعلاج في هذه الاحوال يبدأ بالتثقيف الصحي الواعي الذي يرشد استهلاك الموجود والمتاح من الغذاء ويستيد من جهد وتجربة العلوم الإنسانية والسلوكية في هذا المجال، فأصل المشكلة يكمن غالباً في العادات والتقاليد الضارة وفي النظريات الشعبية للمرض والإصابة.
أما الجوع فنقيض الشبع والمجاعة انعدام الغذاء للدرجة التي أجبرت الإنسان على أكل الهوام وجيف الحيوان والمشكل هنا مشكل سياسي اقتصادي، فالمجاعة ليست انعدام الغذاء فقط لكنها انفراط عقد النظام الاجتماعي حين تنحط صحة البيئة وتنتشر الأمراض الفتاكة وتضعف مناعة المجموعة البشرية كلها في مقاومة المرض فتتساقط فيها روابط المجتمع. الحلول لمثل هذه المشكلات يأتي من تكامل الجهد الرسمى والشعبي ولأن نحاول كأفراد ما وسعتنا الوسيلة لأن نساهم في العناية بأنفسنا، فكيف يكون ذلك؟

Comments

Popular posts from this blog

نباتات السودان السامة

آل الحكيم

طه أحمد بعشر(مؤسس خدمات الطب النفسي في السودان)